محنة أهل البيت عليهمالسلام الجزء التاسع: الإمام الكاظم عليهالسلام
وظل كلُ الناسِ في رخاءِ= سوى التقاة من بني الزهراءِ
يكابدون الفقر والحرمانا= ويحلمون أن يروا أمانا
قد صُب جور الحقد والبلاءِ= على رجالهم بلا استثناءِ
لم يرقبوا فيهم وصيةَ النبي= ولا قرابة له بالنسبِ
يقطع عنهمُ يد العطاء= حتى يعيشوا الهمَّ في ضراءِ
لكنما الرشيد في قصوره= يستمع الغناء في فجوره (1)
Testing
(1) هناك من المؤرخين من كان يوصف أيام الرشيد بأنها كانت ايام كلها خير.
نعم انها خير وبركة وسرور للذين ساروا في ركابه ، وباعوا ذممهم وضمائرهم اليه ،ممّن
عُرفوا بالفجور والفسوق واللهو والكذب والانحلال ، ومن الذين باعوا اقلامهم الباطلة
فسخروها في خدمة السلطان الجائر.
فقد نقل السيوطي عن المؤرخ نفطويه قال : اجاز الرشيد اسحاق الموصلي مرة 200 الف
درهم ، واجاز مروان بن ابي حفصة مرة على قصيدة خمسة آلاف دينار وخلعة وفرس
وعشرة من رقيق الروم ، واجاز الاصمعي خمسة آلاف دينار مرة.
ولما ولي الرشيد واستوزر يحيى البرمكي قال ابراهيم الموصلي :
أ لم تر أن الشمسَ كانت مريضةً
فلما اتى هارون اشرقَ نورها
تلبست الدنيا جمالاً بملكهِ
فهارون واليها ويحيى وزيرها
أعطاهُ هارون 100 الف درهم ، ويحيى 50 الف درهم.
واجاز منصور النمري الشاعر على بيت من الشعر ب 100 الف درهم. تاريخ الخلفاء / 85
وهلمّ جرا ، فهؤلاء المزيفون من المداحين والجهلة واهل الفسق والمجون يسرحون ويمرحون
تحت ظل الخليفة ، لكن ابناء رسول الله وشيعتهم ومواليهم كانت تُصب عليهم صنوف
العذاب ، وقد نقل لنا التاريخ صوراً سوداء في هذا المجال ، وقد افاضت المصادر التاريخية ان
العلويين ومواليهم كانوا يكابدون المحنة والفقر والحصار والمسكنة ، ولم يكن من حقهم غير
القتل والتشريد والارهاب.
ودونوا المؤرخون في كتبهم صفحات سوداء اليمة لما فعله هارون وسلطته الجائرة
بالعلويين ، خاصةً فقد قتل جمعاً كبيراً منهم سواء بالسيف ، او بالسجن ، او بالسم ، ومن
ابرزهم :
الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ، وقد سجنه مراراً حتى تخلص اخيراً منه بالسم. وإدريس بن
عبد الله بن الحسن المثنى والمعروف ب « صاحب المغرب » وقد دسَّ اليه السم. ويحيى بن عبد
الله بن الحسن المثنى وقد قتله. ومحمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسن المثنى وقد سجنه
حتى مات. والحسين بن عبد الله بن اسماعيل بن جعفر بن ابي طالب ، جلده بالسياط حتى
مات. والعباس بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب ، ضربه
الرشيد بهراوة حتى قتله. واسحاق بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن ابي طالب ،
مات في سجنه. وعبد الله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين المعروف ب « الافطس »
شدّد عليه بالسجن مراراً ثم ضرب عنقه.
هذا غيضٌ من فيض ، حيث تنقل المصادر التاريخية جملة من اصحاب الامام الكاظم عليهالسلام
ومن شيعته تعرضوا الى الحبس والتعذيب نذكر منهم : محمد بن عمير الازدي ، فقد حبسه
هارون لمدة سبعة عشر سنة ، وكان من انسك واروع وأعبد الناس ، ومن الذين سجنهم
من اصحاب الامام عليهالسلام في سجن المطبق : علي بن هاشم ، عبد الله بن علقمة ، مخوّل بن
ابراهيم السعدي ، وهؤلاء بقوا في هذا السجن الرهيب 12 سنة متواصلة.