يومَ عاشوراء يا يومَ البكاء =كيف لا تجري دماً عينُ السماء
كربلا أمست مدارَ المكرمات =وهي عنوانُ المعالي السّاميات
يوم أن حلَّ بها روحُ الحياة =فلذا اخْتيرتْ مناراً للفداء
جاءَها السبطُ ليوفي بالعهود =ومواثيقٍ بها يحيا الوجود
عاهدَ المختارَ بالنفسِ يجود =إن غدا الدينُ أسيرَ الطلقاء
حمل السبطُ لواءَ التضحيات =في ظلالِ المرهُفاتِ الظاميات
ما أتى يطلبُ أمناً في الحياة =فهو في أمنٍ وفي عيشٍ رُخاء
لم يكنْ سبطُ النبيِّ المؤتَمَن =يرتجي الدنيا ولا يرعى السُّنن
إنَّ من يرجو الهنا يخشَ المِحَن =ذاك عيشٌ يجتبيه الضعفاء
قصد الطفَّ حسينٌ للردى =لا لكي يعرف ما تنوي العدى
جاء للموت لكي يُفدي الهدى =روحَهُ المشرقَ في دنيا الاباء
سار من مكةَ زَحْفاً للطفوف =ليلاقي الموتَ في ظلِّ السيوف
جاء بالسبعينَ في حربِ الالوف =عاقدَ العزمِ على بذل الدماء
مثلُهُ يعلم ما يرجو يزيد =غير قتل السبط لا يبغي مَزيد
وإذا بالسبطِ في عزمٍ أكيد =قابل الخصم بعزم الاوصياء
فمضى يتلو على الدهر سُوَر =سُوَرَ الخلدِ وآياتِ الفَخَر
وببذلِ النفس قد نال الظّفَر =فازدهى شمساً بدرب الشهداء
رأسُه ُيقرأ من فوق الرماح =آيةَ الكهفِ مشيراً للفلاح
وغدا الجسمُ على تلك البِطاح =مهبطَ الرحمةِ صبحاً ومساء
لم يضحّي كي نواسيه المصاب =يوم عاشورا بنوحٍ وانتحاب
بل نعيد العهدَ في سلِّ الحِراب =ضدَّ من سار بنهج الادعياء